المحتوى العربي والمحتوى الغربي

١٠ مارس ٢٠٢٥

لماذا المحتوى العربي التعليمي ضعيف أو ممل؟!

لا بد أنك لاحظت الفرق ببن العربي والغربي غير النقطة على الحرف 😄 خاصة إذا كنت متمكناً من الEnglish، ستفقد الشغف بالتعلم من العرب إلا قليلاً منهم!

ونحن هنا نقصد المحتوى التعليمي لأن المحتوى الترفيهي العربي قوي وبدأ يُنافس منذ زمن.. ولنكون دقيقين أكثر، التعليمي في التخصصات الحديثة التقنية خاصة.

عموماً أنت تتفق معي أن جيل Z (في العموم) يتصف بالسطحية والاستعجال ولا يصبر على التعلم العميق، وهذا في كل العالم، لذلك أصبح صانع المحتوى يلزمه مهارات كثيرة لشد انتباه المشاهد ولكن!

هل هي فقط مهارات تقديم المعلومة؟ أم أن العرب ينقصهم شيء؟!

(في المجمل) تجد أن المتخصص الغربي لديه زخم وعمق أكبر بكثير في حين أن العربي غالبا يذهب إلى استعراض العلم والتسويق لنفسه مع القليل من العلم الصافي، مع العلم أن هذا الأمر بدأ يتغير مع ثورة صناعة المحتوى منذ COVID-19 وأصبح الخبراء العرب الحقيقيون يظهرون في البودكاست وغيره، لكن ما زال لا ينافس عالمياً لضعف الإنتاج أو ضعف القيادة في التخصص.

ضعف الإنتاج مفهوم والحل الاستثمار في المحتوى أكثر بالإعداد والإنتاج الفني الجيد، أما ضعف القيادة فهو أننا لسنا من يصنع التطور بالتالي لن نكون أفضل من يشرحه، وربما الحل في زيادة الاستثمار في السوق بهذه المجالات بالتالي تزيد قناعة المتخصص بأهمية العلم العميق وقد يتوفر لدينا العلم الخاص بنا بعدها.

لو نظرنا لدول الخليج سنجد أن المتخصصين هناك يتمكنون من التعمق لوجود الاهتمام بالسوق والتطور والاستثمار.

إذن، يمكنني أن أشاهد المحتوى التعليمي الممل العميق وأشعر بالامتنان لصاحبه كثيراً، أما المحتوى الممتع غير العميق فلن أشاهده أبداً إلا من الدحيح 😅

ماذا عن الدحيح؟!! نعم يا عزيزي، الدحيح لا نتابعه للتعلم وإنما للترفيه مع القليل من المعرفة العابرة، والسبب أسلوبه الجميل والعلاقة التي يبنيها مع المستمع وهو بنفسه صرّح بذلك في "قمة المليار متابع".

لكن، ماذا نقصد هنا بالمحتوى العميق؟ تشاهد 20د من محتوى عربي فتجد أنه يمكن تلخيصها في 3د :) فيمكن القول أنه إذا لم تشعر بضعفك والتعب أثناء مشاهدة المحتوى التعليمي فهو ليس عميقاً أبداً!

يظن العرب غالباً أنهم لو جعلوه عميقاً سيفقدون رغبة المشاهد بالاستمرار لنهاية الفديو ويغفلون عن أن هذا المشاهد الذي لا يستطيع التعلم للنهاية إنما هو من خارج الفئة المستهدفة غالباً!

مهمة صانع المحتوى ليس إقناع الناس جميعاً بمشاهدة محتواه، بل فقط الوصول للمهتمين بمحتواه وهو ما يسمونه في التسويق "العميل المثالي".

إذن نحتاج لتقديم القيمة القوية، ويمكن صياغتها في 3 أمور على الترتيب:

1 لماذا: وهنا نلهم الشخص ونشجعه على التعلم بتوضيح إلى أين سيصل وكيف سيتغير بعدها (وهذا النقطة أوصى بها الخبير في التسويق مدحت ياسين في التعامل مع جيل Z)، فمثلا تقول: الاستثمارات في الذكاء الصناعي في دولة الصين بلغت كذا، والشركات تبحث عن كذا، هذه المعلومات مهمة لتوجيه الشغف.

2 ماذا: وهنا توفر للمتعلم الخطة والمراحل التي يحتاج أن يمر بها ويفعلها وتوضح له معايير التعلم والتطبيق بحيث يفهم الخطوات وأيضا يعرف كيف يندمج فيها، فمثلا تقول: إذا أردت أن تنجح في كذا فتحتاج الخطوات التالية (تماماً كما أشرح لك هذه ال3 نقاط)، وهي مهمة للتطبيق الصحيح للعلم.

3 كيف: وهي آخر مراحل المحتوى التعليمي، أن تعطي للمشاهد المهارات العملية "Hard Skills"، مثل ما نراه على يوتيوب بعنوان "How to..."، وهي مهمة لكنها لا تكفي بدون تقديم ما قبلها.. وهذا الخطأ يقع فيه العرب كثيراً.

ثم هل يستطيع صانع المحتوى أن يضع العلم العميق في محتواه أم أنه لا يمتلكه أصلاً 🙂

اقتربنا من ذروة الإتقان 😇

تحتاج مع القيمة أن تعرف كيف توصلها وتسردها بالطريقة المناسبة وهي ما يسميه البعض الDelivery، وهو علمياً الStorytelling، حيث هو عمليا لغة التواصل مع البشر وبدونها تخسرهم (وهنا أنا أخبرتك لـمـاذا تحتاج تعلمه 😉)، فما الStorytelling وماذا يحتاج؟

- لدينا اللغة المرئية وهي تتضمن المونتاج والGraphics بأنواعها وإضاءة الفيديو وألوانه، وإخراج كل ذلك بما يخدم الرسالة (والقيمة هنا ليست بكثرة المؤثرات وإنما بخدمتها للرسالة).

- ولدينا لغة الجسد وأساليب الكلام والصوت.

- ولدينا كتابة النص أو السيناريو التنفيذي للفيديو وفيها مهارات كثيرة.

لكنني أستطيع تلخيص ذلك بالقرب من الإنسان وكونك تستطيع كسب مشاعر الشخص المشاهد وبناء العلاقة المعنوية بينك وبينه، وهنا نفهم لماذا لا ينجح الAI وحده في خدمة المحتوى وتحتاج معه البصمة الإنسانية والإخراجية في كل شيء.

مع الوقت يتحول هذا لإدمان إيجابي فيصبح يشاهد محتواك دون أن يدقق في أسلوبك لأنك كسبت ثقته (مثل محتوى Mr.Beast مع أنه ما زال يجتهد في كل المهارات).

ثم مع الاهتمام والمتابعة وإدارة التفاعل بذكاء تستطيع تحويل هذا المشاهد إلى Fan ومنتمي للقبيلة الخاص بك "Community" وهي أعلى مراحل التأثير (وهنا لا نقصد أن تقوم بإنشاء مجموعة خاصة وإنما مجتمع من المتابعين المرتبطين معنويا بك بغض النظر عن المكان).

إذن، نحتاج لبناء القيمة العلمية العميقة ثم تقديمها بالأسلوب الإنساني الراقي.. وعندها سيضطر البشر من لغات أخرى لتفعيل الترجمة ومشاهدة محتواك أو تعلم اللغة العربية من أجلك!

وكي يقتنع الخبير العربي بأهمية كل ذلك، يلزمه أن يكسب المال بطريقة ما من هذا المحتوى.